للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} ومتى كان الجواب معلوما عند السامع ساغ للمتكلم أن يجيب عن السامع.

{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ (٢٢) جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣)}

ضرب الله مثلين للإيمان والكفر، أحدهما: إنزاله الماء من السماء، وهو مثل للقرآن والوحي، فحملت أودية منه بقدرها، فمنها ما حمل الكثير لسعته، ومنها ما حمل القليل لضيقه {فَاحْتَمَلَ} ذلك {السَّيْلُ زَبَداً} يعلو الماء، ثم إن الزبد يتعلق بأطراف الوادي وبالأشجار والعيدان فيضمحل. والزبد مثل الشبهات فيصفو الماء عن الزبد ويحصل به النفع. والمثل الثاني: ضرب مثلا بما يسبك من النحاس والرصاص، فإنه يخرج منه زبد يعلو على وجهه ثم يصفو ذلك الجوهر المسبوك ويحصل به النفع، فالجوهر من النحاس والرصاص مثل الوحي الحق، والزبد مثل للباطل، فمزج أحد المثلين بالآخر. {جُفاءً} يقال: أجفأت القدر إذا رمت بخبثها. والوقف عند قوله: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ} (١) و {الْحُسْنى} الجنة.

{وَمِثْلَهُ مَعَهُ} لسألوا الفدية؛ لقوله في آية أخرى: {لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ} (٢) (٩١ /ب) و {سُوءُ الْحِسابِ} المناقشة على الصغيرة والكبيرة {وَبِئْسَ الْمِهادُ} بئس ما مهدوا {لِأَنْفُسِهِمْ}.


(١) ينظر: منار الهدى في بيان الوقف والابتدا للأشموني (ص: ٢٠١).
(٢) سورة المائدة، الآية (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>