للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طيب الريق إذا الريق خدع (١) ...

والله - تعالى - لا يخادع ولا يخادع فيما معاملته معاملة الخادع. وأما المؤمنون فلا يخادعون ولكنهم قد يخدعون، وما رجع الخداع إلا على المخادع.

والشعور: العلم بالحواس، فهم لفرط جهلهم بعد عنهم العلم بالمحسوسات.

{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: آلام من استقامة أمور الدين، أو في قلوبهم مرض من اعتقاد الحق.

والفساد في الأرض: العمل بالمعاصي، ويطلق كثيرا في سفك الدماء، وإفساد الزراعات؛ كقوله: {أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ} [البقرة: ٣٠] وقوله: {وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها} [البقرة: ٢٠٥].

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨)}

وهؤلاء قد اعتقدوا أن ما يفعلونه صلاح (٣ /أ) لا فساد وهو جهل مركب. وقد حقق الله كذبهم بدخول «ألا» التي للتنبيه، و «إن» المؤكدة، ودخول «هم» التي هي فصل أو عماد، ودخول الألف واللام في الخبر.

قوله: {كَما آمَنَ النّاسُ} أي: رسول الله والمؤمنون. وكذلك أكد سفههم بما أكد فسادهم من دخول «ألا»، و «إن»، و «هم»، وتعريف الخبر.

وقوله: {وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا} مغاير لقوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}؛ لأن هذه في صفة اعتقادهم مع المؤمنين، وتلك في صفة


(١) هذا عجز بيت لسويد بن أبي كاهل وصدره: أبيض اللون لذيذ طعمه
ينظر في: ديوانه (ص: ٢٤)، تاج العروس (خدع)، ديوان الأدب (٢/ ٢٠٨)، شرح اختيارات المفضل (ص: ٨٦٨)، لسان العرب (خدع)، مقاييس اللغة لابن فارس (٢/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>