للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظّالِمُونَ إِلاّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)}

قوله: {إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} استثناء من غير الجنس؛ لأن رحمة الله هادية، فهي كالمتوكلة بحصول الخير. {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أي: من كل حكم وكل قصة هي في الغرابة كالمثل، والمثل والمثل والمثيل بمعنى واحد.

اقترحوا علي النبي صلّى الله عليه وسلم أن يفجّر لهم أنهارا وعيونا بأرض الحجاز، وأن يكون له أعناب وثمار، وأن يسقط السماء قطعا، أو أن يأتي بالله والملائكة مقابلة، أو يكون لك بيت من ذهب، أو يرقى في السماء ولا نكتفي بذلك حتى تنزل معك كتابا من السماء نقرؤه، فأمره أن يجيب: بأنني مأمور ولا أطلب ما لم أعط. وقد أجاب عن ذلك في سورة العنكبوت بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ} (١) فإذا صح التعجيز بمعجزة واحدة لم يبق لاقتراح المعجزات وجه، وقد أنكر الكفار أن يكون الرسول بشرا مع إجازتهم أن يكون المعبود حجرا.

{وَمَنْ يَهْدِ اللهُ} فهو الكامل في الهداية. وفي القيامة مواقف ففي بعضها لا يبصرون وهذه الآية دليله، وفي بعضها يبصرون {ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ} (٢) وفي بعضها لا ينطقون {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} (٣) وفي بعضها يتكلمون {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} (٤) {كُلَّما خَبَتْ} ضعف لهبها زدناها اشتعالا، ذلك سبب إنكارهم البعث وكفرهم. {أَوَلَمْ يَرَوْا} أو لم علموا أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ} (٥).


(١) سورة العنكبوت، الآية (٥١).
(٢) سورة التكاثر، الآية (٧).
(٣) سورة المرسلات، الآية (٣٥).
(٤) سورة الصافات، الآية (٥٠).
(٥) سورة النازعات، الآية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>