والبشارة: أول خبر سار صادق. والجنة: البستان المظلل بأغصانه وأوراقه؛ لأنه يستر ما حواه، وجن الليل: أظلم وستر بظلامه، والجنة: الجن؛ سموا بذلك لاستتارهم عن الأعين، والجنة: الترس؛ لأنه يستر من وراءه. الألف واللام في «الأنهار» عوض عن الإضافة، أي: أنهارها؛ كقوله:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ}[مريم: ٤] أي: رأسي. وقيل: هما للعهد المذكور في سورة القتال: {فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية [محمد: ١٥].
{مِنْ تَحْتِهَا} أي: تجرى من تحت غرفها؛ كقوله:{لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ}[الزمر: ٢٠]. وقيل: من تحت أشجارها؛ كما في بساتين الدنيا. وقيل: أنهار الجنة تجري في غير أخدود، وأهل الجنة يفجرونها تفجيرا كيف شاؤوا.
{كُلَّما رُزِقُوا} من البستان {مِنْ ثَمَرَةٍ} فابتداء الرزق من البستان، وابتداء الرزق الحاصل من البستان من الثمرة {قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ} أي: في الدنيا؛ لأن ذلك يشاركه في الاسم خاصة لا في الطعم واللون والرائحة. وقيل: كلما جنوا ثمرة تخلفها أخرى فيشيرون إلى الحادثة ويقولون: {هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً} بسط لعذرهم في قولهم: {هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ}؛ كقوله تعالى:{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً}[النمل: ٣٤] ثم صدقها الله بقوله: {وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ}{وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ}: من البول والغائط والحيض ومن مساوئ الأخلاق وفساد الأحوال بمخالطة من لا يصلح.
= ينظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: ٢٤ - ٤٢٢) تحقيق جماعة من العلماء وتخريج الشيخ الألباني، ط ٣، المكتب الإسلامي.