للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخضعت. {فَلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً} يعني: صوتا خفيا. وقيل: لا يسمع إلا صوت مشي الأقدام إلى المحشر والقيامة، ففي بعضها {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} (١). وفي بعضها {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (٢).

{يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)}

{يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ} لا تقع الشفاعة في الآخرة إلا بعد إذن من الله للشافع أن يشفع؛ لقوله - تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ} (٣) وأيضا لا تنفع الشفاعة في الآخرة إلا فيمن أذن أن يشفع فيه ممن قال لا إله إلا الله؛ لقوله - تعالى:

{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} (٤) وقوله: {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} فيجازيهم على حسب علمه فيهم. {وَعَنَتِ} خضعت وذلت، والعاني الأسير. {وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} يجوز أن يراد من حمل كفرا، فلا تنفع فيه الشفاعة فيخيب، ويحتمل أن يريد مع ذلك مظالم العباد.

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ} خبر مجرد، ومن قرأ (فلا يخف) (١٢٣ /ب) فهو نهي عن الخوف (٥)، وكيف ينهى عنه وهو يأتي بحكم الحال، ولا يتمكن الإنسان من دفعه عن نفسه، وهو إما نهي عما يقتضيه النهي من المعاصي والهضم:


(١) سورة الطور، الآية (٢٥).
(٢) سورة الزمر، الآية (٣١).
(٣) سورة البقرة، الآية (٢٥٥).
(٤) سورة الأنبياء، الآية (٢٨).
(٥) قرأ ابن كثير من العشرة (فلا يخف)، وقرأ الباقون (فلا يخاف). تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٢٨١)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٤٨، ٢٤٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٤٦٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٢٤)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٥٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>