وقولهم:{أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها} استفهام، معناه: أتخلق هؤلاء العصاة مع بقائنا نحن على وظائف التسبيح والتقديس، أم تمكر بنا أيضا، وإنما شهدوا على البشر بالمعصية، لجواز أن يعلمهم الله ذلك بطريق من الطرق، أو بأن يروه في اللوح المحفوظ مكتوبا.
(١) الأصل في الأشياء الإباحة؛ لأن الإباحة هي الحكم الأصلي لموجودات الكون، وإنما يحرم ما يحرم منها بدليل من الشارع لمضرتها، والدليل على أن الحكم الأصلي للأشياء النافعة هو الإباحة: قوله - تعالى - ممتنا على عباده: وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثية: ١٣] وقوله - تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة: ٢٩] ولا يتم الامتنان ولا يكون التسخير إلا إذا كان الانتفاع بهذه المخلوقات مباحا. أما الأشياء الضارة فالأصل فيها التحريم لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار». ينظر في ذلك: الأشباه والنظائر للسيوطي (١/ ٦٠)، الوجيز في أصول الفقه لعبد الكريم زيدان (ص: ٢٦٨).