للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الليل والبحر وبطن الحوت. وقيل: إن حوتا ابتلع الحوت الذي فيه يونس، وأجاز الماوردي (١) أن يراد ظلمة الخطيئة والشدة والوحدة، لكن فيه حمل المشترك على معانيه، وهو لا يجوز (١٢٩ /أ) على المختار ولم يكن ابتلاء يونس عقوبة؛ لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، بل كان تأديبا، وقد يؤدب من لا عقاب عليه، واستجابة الداعي ثواب من الله للداعي.

{فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَزَكَرِيّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠)}

قوله - تعالى: {وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ} قيل: هو من ظلمة الخطيئة، وقيل: من غمّ بطن الحوت، وروي أن الله - تعالى - أوحى إلى الحوت ألا يكسر له عظما ولا يخدش له جلدا، وأني جعلت حبسه تأديبا، وجعلت بطنك محبسا له، ولم أجعله غذاء لك (٢).

قيل: أقام في بطنه أربعين يوما (٣). وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: من ارتفاع النهار إلى آخره (٤). وقيل: أربع ساعات (٥). قوله - تعالى: {وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} قيل: كانت عاقرا فصارت ولودا. وقيل: كانت سيئة الخلق فحسّن الله خلقها له. {يُسارِعُونَ} يبادرون {رَغَباً} في ثوابنا {وَرَهَباً} من عقابنا. وقيل: {رَغَباً} ببطون الأكف، و {وَرَهَباً} بظهورها، ويحتمل: رغبة في الخير واستدفاعا للشر، قاله الماورديّ (٦).

{خاشِعِينَ} متواضعين. وقيل: هو وضع اليمين على الشمال والنظر إلى موضع


(١) ينظر: النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٩).
(٢) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٥٨).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٠١) ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٢٧) لابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن السدي عن أبي مالك.
(٤) رواه ابن أبي حاتم في تفسير (١٠/ ٣٢٢٩)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٢٧) لعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن الشعبي قال: "التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية ما بات في بطنه".
(٥) ذكر بقية الأقوال الماوردي في النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٨ - ٥٩).
(٦) ينظر: النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>