للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تنكح المحدودة غير محدود، روي ذلك مرفوعا (١).

قوله - عز وجل: {وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} قيل: الزنى. وقيل: نكاح الزواني.

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧)}

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} يعني بالزنى، وحدّ القذف بالزنى ثمانون، وهو حق للآدمي يسقط بعفوه عند الشافعي رحمه الله، وقال أبو حنيفة: هو من حقوق الله - تعالى. وقيل:

هو مشترك بين حق الله - تعالى - وحق الآدمي (٢). والتوبة من القذف تدفع الفسق ولا تسقط الحد، قال مالك والشافعي والجمهور: إذا تاب القاذف قبلت شهادته قبل الحدّ وبعده لارتفاع فسقه. وقال القاضي شريح: لا تقبل شهادته أبدا لا قبل الحدّ، ولا تقبل بعده. وقال النخعي (٣): تقبل شهادته بعد الحد ولا تقبل (١٣٩ /أ) قبله.


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ١٣٠) ونسبه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الحسن. والمرفوع رواه أبو داود رقم (٢٠٥٢)، وذكره السيوطي في الدر (٦/ ١٣٠) وزاد نسبته لابن المنذر وابن عدي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: «لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله». وعند أبي داود «المجلود». قال الطبري في تفسيره (١٨/ ٧٥): «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال عني بالنكاح في هذا الموضع الوطء وأن الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كل مشرك وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كل مشركة من عبدة الأوثان، فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة، وإذ كان ذلك كذلك فبين أن معنى الآية الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنى أو بمشركة تستحله، وقوله: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يقول: وحرم الزنى على المؤمنين بالله ورسوله، وذلك هو النكاح الذي قال - جل ثناؤه: الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (٥/ ٥٣٠)، المبسوط للسرخسي (٦/ ١١٩)، المغني لابن قدامة (١٠/ ١٧٨).
(٣) هو إبراهيم بن يزيد النخعي يكنى أبا عمران كوفي ثقة، وكان مفتي الكوفة هو والشعبي في زمانهما، وكان رجلا صالحا فقيها متوقيا قليل التكلف. مات سنة ٩٦ هـ‍.
تنظر ترجمته في: الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للذهبي (١/ ٢٢٧) ط. دار القبلة للثقافة الإسلامية - جدة - ١٩٩٢ م - تحقيق: محمد عوامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>