للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث: «لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي، فإنّ كلّكم عبيد لله» (١). وإنما زاد قوله:

{إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} فإن الإكراه على البغاء لا يتصور مع إرادتهن له. {غَفُورٌ رَحِيمٌ} لهن.

قيل: لهم ولهن.

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤) اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)}

{آياتٍ مُبَيِّناتٍ} أي: آيات هذه السورة، أو آيات القرآن. وقرئ {مُبَيِّناتٍ} بكسر الياء (٢). {وَمَثَلاً} من أمثال من قبلكم أو قصة عجيبة من قصصهم.

{اللهُ نُورُ السَّماواتِ} أي: هادي من في السماوات والأرض. وقيل: خالق نورهما من شمس وقمر، والأول أظهر؛ لقوله: {مَثَلُ نُورِهِ} و {يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ} وقد جعل نفسه نورا مبالغة، ونظير هذه الآية: زيد جود محض يعين الفقير، ويجبر الكسير (١٤٢ /أ) شبه الحق في ثبوته وظهوره بالنور {مَثَلُ نُورِهِ} أي: صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة {كَمِشْكاةٍ} كصفة مشكاة، وهي الكوة في الجدار غير النافذة {فِيها مِصْباحٌ} سراج ضخم ثاقب.

{الزُّجاجَةُ} شديدة الصفاء شبيهة بالدراري الكبار كالمشتري والزهرة والمريخ وسهيل.

{يُوقَدُ} هذا المصباح {مِنْ شَجَرَةٍ} أي: أن ماءه من شجرة مباركة. يعني: كثيرة المنافع، أو لأنها تنبت في الأرض التي بارك الله فيها. يتعاقب عليها الشمس والقمر وهو أضوأ لدهنها.

وقيل: ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها فقط أو غروبها فقط بل تصيبها بالغداة والعشي جميعا، يعني أن هذا النور قد اجتمع فيه صغر المشكاة وانسداد صدرها، وصفاء الزجاجة فصارت كالكوكب، وصفاء الزيت بحيث {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} فإذا اجتمعت هذه الأوصاف صلح أن يشبّه به نور الله في القلب، فهو تشبيه مفرد بمركب،


(١) رواه مسلم رقم (٢٢٤٩)، وأبو داود رقم (٤٩٧٥)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص عنه وخلف «مبيّنات»، وقرأ الباقون «مبيّنات». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٥٣)، حجة أبي زرعة (ص: ٤٩٨) الدر المصون للسمين الحلبي (٢/ ٣٣٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٣٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>