للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان داود عليه السّلام عندهم، فسبهم، ولعنهم بعد أن نهاهم، فلم ينتهوا فمسخ الله الذين فعلوا ذلك. {قِرَدَةً خاسِئِينَ} خسأت الكلب: إذا طردته وأبعدته. {فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها} من القرى {وَما خَلْفَها} وقيل: نكالا لمن يأتي بعدهم من القرون فيخاف من المخالفة أن يحلّ به مثل ما حلّ بالأول. وقيل: لمن يأتي بعدهم من الأمم ولمن مضى قبلهم أخبرتهم أنبياؤهم أنه سيمسخ قوم قردة فخافوا وارتدعوا.

كان في بني إسرائيل شيخ موسر قتله أبناء عمه، وأخذوا ماله وأصبحوا يطلبون دية قتيلهم، فسألوا موسى عليه السّلام عن الحكم في ذلك فأمره الله - تعالى - أن يذبحوا بقرة، فعجبوا وقالوا: {أَتَتَّخِذُنا هُزُواً}. أي: مهزوّا بنا. والاستهزاء جهل استعاذ موسى عليه السّلام منه، فقالوا: ما هذه البقرة؟ فقال: {إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ} أي: كبيرة السن {وَلا بِكْرٌ} أي:

صغيرة. والعوان: وسط الأسنان.

{إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ} شديدة الصفرة. وقيل: سوداء. {لا ذَلُولٌ} أي: ليست مذللة بالعمل، فلا هي تحرث الأرض فتثيرها، ولا تستعمل في النواضح {مُسَلَّمَةٌ} من العيوب لا لون فيها يخالف الصفرة، حتى قيل: إن قرنها وظلفها (١) كانا أصفرين.

كان في بني إسرائيل رجل صالح حضرته الوفاة، وكان له عجلة فتركها في غيضة (٢) موفرة (٣) عن العمل، فقال: اللهم إني أستودعك هذه العجلة لا بني هذا، ثم اتفقت لهم حاجة بعد موته فقالت أم الصبي: إن أباك قد استودع لك عجلة في الغيضة، فاذهب إليها في


= ينظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (١/ ٢٩٢).
(١) الظلف: ظفر كل ما اجتر وهو ظلف البقرة والشاة والظبي وما أشبهها والجمع أظلاف. قال ابن السكيت: يقال: رجل الإنسان وقدمه، وحافر الفرس، وخف البعير والنعامة، وظلف البقرة والشاة. ينظر: لسان العرب (ظلف).
(٢) الغيضة: هو الموضع يكثر فيه الشجر ويلتف والجمع: غياض وأغياض.
ينظر: لسان العرب (غيض).
(٣) الوفر من المال والمتاع: الكثير الواسع. وقيل: هو العام من كل شيء، والجمع: وفور وقد وفر المال والنبات والشيء بنفسه وفرا ووفورا وفرة. وأرض وفراء في نباتها فرة، وهذه أرض في نباتها وفر ووفرة وفرة أيضا أي: وفور لم ترع، والوفراء: الأرض التي لم ينقص من نبتها.
ينظر: لسان العرب (وفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>