للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله الأصنام ويسألها (١). ويجوز أن يعم الجميع، وإذا اجتمع ما يعقل وما لا يعقل غلب العاقل، ولهذا قال: {وَما يَعْبُدُونَ} وذكر الفاعل لأنه ليس الإنكار على الفعل فإن عبادة الأصنام قد وقعت، وإنما السؤال عن فاعلها فيبهت وتنقطع حجته فيبادرون إلى الإنكار، ويقولون: بل أنت يا ربنا متعتهم بالأموال والبنين حتى نسوا الذكر وهلكوا بسبب ذلك.

والبوار: الهلاك، والبور: الهالكون، فإذا تبرأت الملائكة وصلحاء الإنس والجن عن ذلك بهت الكفار وقالوا: أنت الذي أنعمت عليهم فبطروا وجعلوا بدل الشكر كفرانا.

وقوله: {سُبْحانَكَ} تعجب منهم مما قيل لهم. وقرأ أبو جعفر المدني {أَنْ نَتَّخِذَ} بضم النون وفتح التاء والخاء (٢) {الذِّكْرَ} ذكر الله والإيمان به، أو القرآن.

{فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)}

وقرئ (بما يقولون) بالياء والتاء، و (فما يستطيعون) بالتاء والياء (٣) صرف العذاب عنكم ولا تخليصا. الجملة الواقعة بعد إلا محذوفة وهي في موضع مفعول، والتقدير: وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا إنهم؛ كقوله: {وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ} (٤) أي: وما منا أحد.


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٦٨).
(٢) قرأ بها أبو جعفر وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء والحسن، وقرأ الباقون "نتّخذ".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٨٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧٠)، المحتسب لابن جني (٢/ ١١٩)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٦٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٣).
(٣) قرأ حفص عن عاصم (تستطيعون)، وقرأ الباقون (يستطيعون). تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٩٠)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٠٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧١)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٤).
(٤) سورة الصافات، الآية (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>