للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: أفرده لأن هارون وزير لموسى يشتوران على أمر واحد ويعزمون عليه (١٥٥ /أ).

{أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩)}

{أَنْ أَرْسِلْ} بمعنى: أي أرسل؛ لتضمن الرسول معنى الإرسال، وهي قوله يفسّر بأي ومعنى الإرسال ههنا التخلية والإطلاق، ويمكنهم أن يذهبوا مع موسى إلى فلسطين ويروى أنهما انطلقا إلى باب فرعون ولم يؤذن لهما سنة، حتى قيل لفرعون: إن ههنا إنسانا يزعم أنه رسول الله، فقال: ائذن له لعلنا نضحك منه، فدخلا عليه وأديا الرسالة، فعرف فرعون موسى، فإنه تربّى في حجره، فقال: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً} الوليد الصبي لقرب عهده بالولادة، وقرئ بسكون الميم من {عُمُرِكَ} (١).

قوله: {سِنِينَ} قيل: مكث عندهم ثلاثين سنة وفر منهم على إثرها.

عدد فرعون على موسى نعمته عليه بالتربية، ووبخه بقتل خبازه، وعظم ذلك بقوله:

{وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ} ويجوز أن يكون قوله: {وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ} جملة حالية، أي: وأنت من الكافرين بنعمتي، ويجوز أن يكون كلاما مستأنفا نسب به فرعون موسى إلى الكفر، وقد افترى عليه؛ فإن الأنبياء معصومون من الكفر، أو: كافر بأمر فرعون، أو كان ممن يكفر بإلهية فرعون، فقد قيل: إنه كان لهم أصنام يعبدونها؛ لقوله تعالى: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} (٢).

{قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)}

فأجاب موسى: بأني إنما قتلت القبطي وأنا جاهل بالحكم.


(١) قرأ بها أبو عمرو البصري. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٧٠)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٧١)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٠٥).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>