للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معا؛ بدليل السياق. وقيل: أراد بالتفرق: أن الأبرار في عليين، والفجار أسفل السافلين.

وعن قتادة: فرقة لا اجتماع بعدها (١). {فِي رَوْضَةٍ} من رياض الجنة، وتنكيرها للتعظيم. {يُحْبَرُونَ} يسرون، يقال: حبره، إذا سرّه سرورا يظهر عليه أثره وتهلل له وجهه، ثم اختلفت هذه الأقاويل لاختلاف وجوه المسرة. فقيل: يكرمون. وقيل:

ينعمون. وقيل: التيجان على رؤوسهم. وعن وكيع: السماع في الجنة (٢).

وفي الآثار: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن في الجنة سماع؟ قال: "نعم؛ إن في الجنة أجراسا (١٧٩ /ب) من فضة، فإذا أراد ولي الله السماع هبت ريح من تحت العرش فتصوت تلك الأجراس تصويتا لو سمعه أهل الدنيا لماتوا طربا" (٣).

{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)}

{مُحْضَرُونَ} في العذاب لا يغيبون عنه، وقلما يجيء لفظ المحضر في القرآن إلا لعقوبة {فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ} (٤). {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} (٥). لما ذكر الوعد والوعيد أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد، وينجي من الوعيد فقال: {فَسُبْحانَ اللهِ} الآيات، قيل: المراد بالتسبيح: ظاهره، وهو قوله: سبحان الله وسائر الأذكار. وقيل:

الصلاة. وسئل ابن عباس: هل تجد في القرآن الصلوات الخمس؟ فقال: نعم؛ وتلا هذه الآية: {تُمْسُونَ} صلاة المغرب والعشاء و {تُصْبِحُونَ} صلاة الصبح، {وَعَشِيًّا} صلاة العصر {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} صلاة الظهر (٦).


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٨٥) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه.
(٢) رواه الطبري في التفسير (١٠/ ١٧٢).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٧١) بهذا السياق، وذكر السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٨٦) نحو ذلك.
(٤) سورة الروم، الآية (١٦).
(٥) سورة الصافات، الآية (٥٧).
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٣/ ١٠٣)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٨٨) ونسبه -

<<  <  ج: ص:  >  >>