للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)}

{الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} الطائر من البيضة. {الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} البيضة من الطائر وإحياء الأرض إخراج النبات فيها. وقيل: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن {وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ} أي: ومثل (١٨٠ /أ) ذلك الإخراج تخرجون من القبور.

{خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ} خلق أصلكم، وهو أبوكم آدم، وإذا للمفاجأة: ثم فاجأكم وقت كونكم بشرا تنتشرون في الأرض وتنبثّون فيها. {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أي: من جنسكم؛ لأن حواء خلقت من ضلع آدم؛ وذلك لما يحصل عند اتحاد الجنس من الأنس والمحبة، وعند اختلاف الجنس بخلاف ذلك.

وعن الحسن: المودة كناية عن الجماع، والرحمة عن الولد (١)؛ لقوله: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا} (٢) ثم ذكر قصة الولد له. يقال: سكن إليه واطمأنّ إليه. وقيل: إنّ المودة والرحمة بين الزوجين من جهة الله عز وجل، وأن التباغض من الشيطان؛ لكن نسبته إلى الله حقيقة، وإلى الشيطان مجاز خلافا للزمخشري (٣).

{وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)}

الألسنة: اللغات أو أجناس النطق وصفاته. ومن بدائع آياته سبحانه وتعالى أن جعل هذه الصفات مختلفة؛ فلا تكاد تسمع شخصين يتكلمان فيشبه صوت أحدهما صوت


(١) ذكره بدر الدين العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١٠/ ١٣٩)، وأبو جعفر النحاس في معاني القرآن (٥/ ٢٥٣)، والزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٧٣)، والشوكاني في فتح القدير (٤/ ٢١٩).
(٢) سورة مريم، الآية (٢).
(٣) قال الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٧٣): "وقيل: إن المودة والرحمة من قبل الله وإن الفرك من قبل الشيطان".

<<  <  ج: ص:  >  >>