للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالت: اخترت. لا بد من ذكر النفس في قول المخيّر أو في قول المخيّر أو المخيّرة، وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه، واعتبروا أن يكون ذلك في المجلس قبل القيام أو الاشتغال بما يدل على الإعراض، واعتبر الشافعي اختيارها على الفور، وهي عنده طلقة (١٩٢ /أ) رجعية، وهو مذهب عمر وابن مسعود. وعن الحسن وقتادة والزهري: أمرها بيدها في ذلك المجلس وفي غيره. وإذا اختارت زوجها لم يقع شيء بإجماع فقهاء الأمصار (١).

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يعدّ ذلك طلاقا" وفي رواية: "أفكان طلاقا؟ " (٢).وعن علي - رضي الله عنه -: إن اختارت نفسها فهي طلقة واحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فطلقة واحدة رجعية. وفي رواية عنه:

إن اختارت زوجها فليس بشيء (٣).

أصل "تعال" أن يقوله من في المكان المرتفع لمن في المكان المستفل، ثم كثر حتى استوت في استعماله الأمكنة. ومعنى {فَتَعالَيْنَ} أقبلن بإرادتكن واختياركن لأحد الأمرين، ولم يرد نهوضهن إليه بأنفسهن؛ كما تقول: أقبل يخاصمني، وأقبل يهددني.

{أُمَتِّعْكُنَّ} أعطكن متعة الطلاق، فإن قلت: ما حكم المتعة؟ قلت: المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها في العقد فرض تستحقها واجبة عند أبي حنيفة وأصحابه، وأما سائر المطلقات فمتعتهن مستحبة (٤). وعن الزهري: هما متعتان إحداهما: يقضي بها السلطان؛ وهي من طلق قبل ما يفرض ويدخل بها. والثانية: حق على المتقين، من طلق بعد ما يفرض ويدخل بها. وخاصمت امرأة إلى شريح في المتعة، فقال: متعها إن كنت من المتقين ولم يجبره. وعن سعيد بن جبير: حق مفروض. وعن الحسن: لكل مطلقة متعة إلا المختلعة والملاعنة (٥). والمتعة: درع وخمار وملحفة على حسب الطاقة والسعة والاقتدار، إلا


(١) ينظر: بداية المبتدي للمرغيناني (١/ ٧٢)، المبسوط للسرخسي (٦/ ١٠١)، الأم للإمام الشافعي (٥/ ٢٥٥)، المهذب للشيرازي (٢/ ٨٢).
(٢) رواه البخاري رقم (٥٢٦٣، ٥٢٦٢)، ومسلم رقم (١٤٧٧).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٣٥).
(٤) ينظر: الاستذكار لابن عبد البر (٦/ ١٢٢)، إعانة الطالبين لأبي بكر البكري (٣/ ٣٥٦)، بداية المجتهد لابن رشد (٢/ ٧٣).
(٥) ذكر هذه الأقوال الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>