للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكاذبة والخائنة؛ خالصا بمعنى خلوصا. {قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ} جملة معترضة {لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ}.

واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر بتخيير نسائه فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فشكر الله لهن ذلك وجازاهن بأن حرم على النبي صلى الله عليه وسلم خلافهن وحرم عليه أن يستبدل بهن غيرهن، فقال: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} (١) ثم اختلف في أن هذا التحريم هل زال أو بقي؟ فعن الشافعي رضي الله عنه:" ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النسوة التي حرمن عليه "واحتج بقوله - تعالى -:

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ} الآية. وقال أبو حنيفة رحمه الله: كن محرمات عليه إلى حين وفاته، واحتج (١٩٧ /أ) بأن ذلك كان مكافأة لهن على اختيارهن لله ورسوله والدار الآخرة (٢).

{تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢)}

قوله: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} وذلك أنهن إذا رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل في القسمة مع أنه مباح له ألا يقسم علم من ذلك محبته لجميعهن، وأنه لا يؤثر واحدة على أخرى فرفع النزاع والشقاق. و" من "في قوله: {مِنْ أَزْواجٍ} مزيدة في النفي. وتحريم جميع الأزواج أن يبدل بهن غيرهن. وقيل في قوله: {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} هو كون الرجل ينزل عن زوجته لصديقه أو صاحبه، ثم نسخ ذلك. وقيل: المراد بقوله: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} هي أسماء بنت عميس (٣).


(١) رواه أحمد غي المسند (٢٠١، ٦/ ٤١)، والترمذي رقم (٣٢١٦)، والنسائي (٦/ ٥٦)، وابن حبان في صحيحه رقم (٦٣٦٦)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤٣٧)، عن عائشة رضي الله عنها. وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم (١٥٦٨).
(٢) ينظر: الأم للشافعي (٥/ ١٤٠)، بدائع الصنائع للكاساني (٦/ ١٢٨)، تفسير القرطبي (١٤/ ٢٢٩).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>