للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧)}

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} (١٩٨ /أ) أي: يخالفن ما أمرا به، ويعبر عن المخالفة بالإيذاء، ويجوز أن يكون التقدير: يؤذون أولياء الله ورسوله، ولو قال قائل: جعل الإيذاء لله مجاز؛ لأنه لا يتصور أن يستطيعه أحد، وجعله للرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة لإمكانه، فجمع في اللفظ الواحد بين الحقيقة والمجاز وأنه لا يجوز.

وقيل: هو قول اليهود: يد الله مغلولة غلت أيديهم، وقولهم ثالث ثلاثة، وقولهم:

الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤهم. وقيل: قول الذين يلحدون في أسمائه وصفاته.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل:" سبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، وآذاني ولم يكن له ذلك؛ فأما شتمه إياي فقوله: إني اتخذت ولدا. وأنا أحد صمد، وأما أذاه لي فقوله: إن الله لن يعيدني كما بدأني " (١).

وقيل: قولهم في النبي صلى الله عليه وسلم: كاهن وساحر ومجنون. وقيل: كسر رباعيته، وشج جبينه يوم أحد. وقيل: طعنهم عليه في نكاحه صفية بنت حيي بن أخطب. و [أطلق إيذاء الله ورسوله وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات] (٢) لأن إيذاء الله ورسوله لا يكون إلا غير حق أبدا، وأما إيذاء المؤمنين والمؤمنات فمنه ومنه.

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩)}

ومعنى {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} بغير جناية واستحقاق. وقيل: نزلت في ناس من المنافقين يؤذون عليّا رضي الله عنه ويسمعونه. وقيل: في الذين أفكوا على عائشة.

وقيل: في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات. وعن الفضيل: لا يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا بغير حق، فكيف بالمؤمنين؟ (٣). وكان ابن عون لا يكري حوانيته لأهل الذمة؛ لما فيه من الروعة عند استحقاق الأجرة (٤).


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٤١٣)، ونسبه لابن أبي حاتم عن قتادة.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في الأصل: وقيل: إيذاء الله: ورسوله المؤمنين والمؤمنات. والمثبت من الكشاف (٣/ ٥٥٩) وهو الأنسب للسياق.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٥٩).
(٤) ينظر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>