للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منك يا عمر " (١).

{فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤)}

{دَابَّةُ الْأَرْضِ} الدويبة التي تكون في الكبت. والمنسأة: العصاة؛ لأنه بها يطرد ويؤخر، وقرئ بفتح الميم (٢). ومنسأة على مفعلة، ومنسأته من طرف عصاه.

{تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} من تبين الشيء إذا ظهر، و" أن "مع صلتها بدل اشتمال من {الْجِنُّ} كقولك: تبين زيد جهله. والظهور له، أي: ظهر أن الجن {لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ} أو علم الجن كلهم علما بيّنا بعد التباس الأمر على عامتهم وتوهمهم أن كبارهم يصدقون في ادعائهم علم الغيب، أو علم من ادعى علم الغيب من جهتهم، وأنهم لا يعلمون الغيب، وإن كانوا عالمين بتخيل ذلك بحالهم. وقرئ {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} على البناء للمفعول (٣).

روي أنه كان من عادة سليمان أن يعتكف في بيت المقدس المدد الطوال، فلما دنا أجله لم يصبح يوما إلا رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله، فيسألها: لأي شيء نبتّ؟ فتقول:

لكذا، حتى أصبح ذات يوم ورأى الخرّوبة (٤) فسألها، فقالت: نبتّ لخراب هذا المسجد، فقال: ما كان الله ليخربه وأنا حيّ، أنت التي على وجهك هلاكي. فنزعها وغرسها في حائط له، وقال: اللهم عمّ على الجن موتي، حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب؛ لأنهم كانوا يسترقون السمع، ويوهمون الإنس أنهم يعلمون الغيب، وقال لملك الموت:


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٤٣١) ونسبه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي عن رجل عن عمر رضي الله عنه.
(٢) قرأ الجمهور من القراء" منسأته "وقرأ ابن ذكوان" منسأته "بهمزة ساكنة، وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر" منساته "بألف محضة بدون همزة. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٢٦٧/ ٧)، تفسير القرطبي (١٤/ ٢٧٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٩٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٨٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٣٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٢٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٩).
(٣) قرأ بها ابن عباس ورويس ويعقوب. تنظر في: تفسير القرطبي (١٤/ ٢٧٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٣٧)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣١٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٤)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٣٨٠)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٨٦).
(٤) الخروبة: شجرة الخروب شجر مثمر من الفصيلة القرنية، ثماره قرون تؤكل وتعلفها الماشية. المعجم الوسيط: مادة (خرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>