للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)}

وقرئ {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ} بنصبهما (١) والأول منصوب على حذف حرف القسم؛ كقول الشاعر [من الرجز]:

إن عليك الله أن تبايعا (٢) ...

وجوابه: {لَأَمْلَأَنَّ} و {وَالْحَقَّ أَقُولُ} معترض بين القسم والمقسم عليه، وبرفعهما على أن الأول مبتدأ محذوف الخبر؛ كما في: لعمرك. وبجرهما على أن الأول مقسم به محذوف منه حرف القسم؛ كقولك: الله لأفعلن، والثاني حكاية قول المقسم. وقرئ برفع الأول وجره مع نصب الثاني (٣). {مِنْكَ} ومن جنسك من الشياطين {وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} (٢٢٨ /ب) من ذرية آدم. فإن قلت: {أَجْمَعِينَ} توكيد لماذا؟ قلت: يجوز أن يكون توكيدا للضمير في {مِنْهُمْ} وللكاف في {مِنْكَ} وما عطف عليه، أي: لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين، لا أترك منهم أحدا. {عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} الضمير للقرآن والوحي.

{وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} من الذين يتصنعون وينتحلون ما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعا ولا متكلفا. {إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ} موعظة {لِلْعالَمِينَ}.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "علامات المتكلف ثلاث: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا يناله، ويقول ما لا يعلمه" (٤). {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ} أي: في يوم القيامة، أو عند الموت، أو عند ظهور الإسلام وفشوه.


(١) قرأ العشرة إلا عاصم وحمزة وخلف "فالحقّ والحقّ أقول" بنصبهما.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤١١)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٠٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦١٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٤٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٥٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٨٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٢).
(٢) ينظر في: التصريح بمضمون التوضيح للشيخ خالد الأزهري (٢/ ١١٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٧١)، الكتاب لسيبويه (١/ ١٥٦)، المقتضب للمبرد (٢/ ٦٢) ويروى: إن عليّ الله أن تبايعا.
(٣) قرأ عاصم وحمزة وخلف "فالحقّ والحقّ أقول" برفع الأول ونصب الثاني، وقرأ الحسن وعيسى بجرهما وقرأ ابن عباس ومجاهد والأعمش برفعهما.
تنظر: المراجع السابقة والدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٤٧).
(٤) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٦٠١) ونسبه للبيهقي في شعب الإيمان وابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>