للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦)}

{عَلى مَكانَتِكُمْ} أي: على تمكنكم. فإن قيل: هلا قيل: إني عامل على مكانتي؟ قلت: فعل ذلك توكيدا، أو إيذانا بأن مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم تزداد كل وقت وحين، ولن يزال راقيا في الدرجات العلى.

قوله تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} أي: يبقي عليها ما هي به دراكة حساسة، ويتوفى الأنفس التي لم تمت في المنام، فإذا جاءت وقت اليقظة أمسك النفس التي قضى عليها الموت، وأرسل الأخرى {إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} إلى انقضاء آجالها المكتوبة لها. وعن ابن عباس:

إن في بدن الإنسان روحا ونفسا؛ فعند النوم تتوفى الأنفس، وعند الموت تتوفى الأرواح (١). {قُلْ لِلّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً} إنما يعطي الشفاعة بوصفين: أحدهما الإذن من الرحمن عز وجل {وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (٢) والثاني: أن يكون المشفوع فيه مرتضى؛ لقوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} (٣).

أتثبتون لهم الشفاعة؟ ولو كان الذين أثبتوها لهم {لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً} لا يملكها ولا يعطيها إلا هو. {ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} ولم يذكر معه آلهتهم اشمأزت، أي: نفرت وكرهت. قوله: {إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} فاجأهم السرور، وامتلأت قلوبهم فرحا؛ فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يلتجيء إليه؛ فقال: {قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ} أي: شاقق، ويقال: فطر ناب البعير إذا شق اللحم وخرج. وعن ابن عباس: "ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى


(١) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٠٥) وقال: غريب جدا.
(٢) سورة سبأ، الآية (٢٣).
(٣) سورة الأنبياء، الآية (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>