للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَوْمَئِذٍ} منصوب ب‍ "عدو" فتنقطع في ذلك اليوم كل خلة لا يراد بها وجه الله، وأما الخلة في الله فهي باقية يظهر أثر خيرها في الآخرة. وقيل: {إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} الذين اجتنبوا أخلاء السوء. وقيل: نزلت في أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط (١).

وينادي المتقون المتحابون في الله: {يا عِبادِ}. و {الَّذِينَ آمَنُوا} محله نصب؛ صفة ل‍ {عِبادِيَ} فإنهم صدقوا بالآيات وكانوا مخلصين. وقيل: إذا نادى المنادي: {يا عِبادِ} طمع فيها كل أحد؛ فإذا قال: {الَّذِينَ آمَنُوا} يئس منها الكفار.

{تُحْبَرُونَ} تسرون سرورا يظهر أثره على وجوهكم؛ كقوله: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (٢) وقال الزجاج (٣): {تُحْبَرُونَ} تكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة: المبالغة في كل ما وصف بجميل.

والكوب: الكوز لا عروة له، وفيها الضمير للجنة. {وَتِلْكَ} مبتدأ، و {الْجَنَّةُ} خبر، {الَّتِي أُورِثْتُمُوها} صفة للجنة، أو {الْجَنَّةُ} صفة لقوله: {وَتِلْكَ} و {الَّتِي أُورِثْتُمُوها} خبر. والباء في قوله: {بِما كُنْتُمْ} إما تعليل لإيراث الجنة أو يتعلق بمحذوف؛ كالظروف التي تقع أخبارا، وشبهت في بقائها على أهلها بالميراث الباقي على أهله.

{مِنْها تَأْكُلُونَ} للتبعيض، أي: لا يأكلون إلا بعضها. {لا يُفَتَّرُ} لا يخفف؛ والمبلس:

البائس الساكت سكوت يأس. وقيل: يجعل الكافر في تابوت من نار، ويملأ نارا ويردم عليه، فلا يرى ولا يرى. {وَهُمْ} فصل أو عماد. وقيل لابن عباس: إن ابن مسعود يقرأ:

يا مال؛ فقال: ما أشغل أهل النار عن الترخيم (٤). {لِيَقْضِ عَلَيْنا} من قضى عليه إذا مات، والمعنى سل ربك أن يميتنا. والآخرة فيها مواقف؛ فتارة يبلسون ويسألون، وتارة ينادون مالكا؛ فلا تعارض. {أَمْ} أبرم مشركو مكة {أَمْراً} يكيدونك به؛ كما جرى في دار الندوة. {فَإِنّا مُبْرِمُونَ} كيدنا كما أبرموا كيدهم. {وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ} يعني الحفظة. وعن يحيى ابن معاذ (٥): "من أخفى عن الناس ذنوبه وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية فقد جعله الله


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٦٣).
(٢) سورة المطففين، الآية (٢٤).
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٤١٩).
(٤) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٥) وقال: غريب.
(٥) هو يحيى بن معاذ الرازي من الزهاد المتهجدين والعباد الصالحين، له كلام جيد ومواعظ مشهورة -

<<  <  ج: ص:  >  >>