للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنهم أجابوا: ليست هذه الموتة التي تتعقّبها حياة، أي لا موت إلا الموتة التي متناها في الدنيا.

{إِنْ هِيَ إِلاّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣)}

{بِمُنْشَرِينَ} بمبعوثين {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها} (١) {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ} (٢) أي: يحيون الموتى. {فَأْتُوا بِآبائِنا} من كلام الكفار للمؤمنين أي:

قالوا: إن كنتم تدعون حياة أخرى فأحيوا آباءنا {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}. وقيل: كانوا يلتمسون أن يحيي الله قصي بن كلاب ليشاوروه، وكان شيخا كبيرا من أكابرهم، وكان يستشار في معاظم الأمور. {أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} هو تبع الحميري، هو ملك.

قالت عائشة:" ذم الله قومه ولم يذمه؛ حير الحيرة، وبني سمرقند (٣). وقيل: كان إذا كتب كتب: باسم الذي ملك برّا وبحرا " (٤).وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:" لا تسبوا تبعا؛ فإنه كان قد أسلم " (٥).فإن قيل: ما معنى قوله: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} ولا خير في الفريقين؟!

قلنا: معناه: أهم خير في القوة والمنعة؛ كقوله: بعد ذكر آل فرعون: {أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ}


(١) سورة البقرة، الآية (٢٥٩) وهذا على قراءة الراء؛ فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو" ننشرها "وقرأ عاصم في رواية أبان عنه" ننشرها "، وقرأ الباقون" ننشزها "بالزاي.
ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٣١٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٦٢٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ١٨٩).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (٢١).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٥/ ١٢٨)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٤١٥)، ونسبه للحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها. وروي عن كعب رضي الله عنه أيضا بنحوه.
(٤) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٧٥٠)، ونسبه للحاكم وصححه.
(٥) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣٤٠)، والطبراني في الكبير (٦/ ٢٠٣)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٧٤٩) لابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>