للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعارض: السحاب الذي يعرض في أفق السماء، ومنه: الحبي والعنان من حبا وعنّ إذا ظهر. وإضافة {مُسْتَقْبِلَ} و {مُمْطِرُنا} مجازية لا تقتضي تعريفا بدليل أنه وصف بهما النكرة. {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} هذا من قول هود. {تُدَمِّرُ} تهلك {كُلَّ شَيْءٍ} مرت به من عاد ودوابهم، ولم تفن جبالهم ولا أرضهم، ف‍ {كُلَّ شَيْءٍ} هو عام مخصوص.

{لا يُرى} الخطاب للرائي كائنا من كان. وروي: أن الريح كانت تحمل الظعينة في الجو حتى ترى كالجرادة، وكذلك تفعل بالفسطاط (١). وروي: أنه أول ما عرفوا أنه عذاب أنهم رأوا ما على الجبل من أنفسهم ودوابهم تحمله الريح بين السماء والأرض. وروي: أن هودا لما رأى فعل الريح خط على نفسه خطا إلى جانب عين تنبع عليه وعلى المؤمنين. وقيل:

اعتزلوا في حظيرة ما ينالهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود، وإنها لتمر على عاد بالظعن بين السماء والأرض، وتدفعهم بالحجارة (٢).

وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الريح تغير وجهه، ودخل وخرج؛ فقيل له في ذلك؟ فقال:" إني أخاف أن يكون كما قال قوم عاد؛ ظنوه رياحا تأتي بالمطر والخصب؛ فإذا هي مهلكة لهم ولدوابهم " (٣).

{وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)}


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/ ٢٦)، والظعينة: الهودج تكون فيه المرأة وقيل هو الهودج كانت فيه أو لم تكن، والظعينة: المرأة في الهودج سميت به على حد تسمية الشيء باسم الشيء لقربه منه. وقيل: سميت المرأة ظعينة لأنها تظعن مع زوجها وتقيم بإقامته كالجليسة ولا تسمى ظعينة إلا وهي في هودج. وعن ابن السكيت: كل امرأة ظعينة في هودج أو غيره والجمع ظعائن وظعن وظعن وأظعان وظعنات. والفسطاط: بيت من شعر، وفيه لغات: فسطاط وفستاط وفساط. وكسر الفاء لغة فيهن، وفسطاط مدينة مصر، والجمع فساطيط. ينظر: لسان العرب (ظعن) و (فسطط).
(٢) ذكر ذلك كله الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٤٨٣٩)، ومسلم رقم (٨٩٩)، وأحمد في المسند (٦/ ٢٤٠)، والترمذي رقم (٣٢٥٧)، وابن ماجه رقم (٣٨٩١)، وابن حبان في صحيحه رقم (٨٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>