للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثالثة والعشرون: إثبات إذن الله، وليعلم أن الإذن المضاف إلى الله عزّ وجل ينقسم إلى قسمين: إذن كوني قدري، وإذن شرعي تعبدي، مثال الإذن الكوني: هذه الآية: {تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي}، ومثال الإذن الشرعي: قول الله تبارك وتعالي: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، {مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} شرعًا أو قدرًا؟ قدرًا قد أذن فيه، فإنه مكن لهؤلاء من أن يشرعوا لأقوامهم ما لم يأذن به الله، ومكن الأقوام أن يتعبدوا بهذه الشريعة البدعية، لكن شرعًا لا، والفائدة من معرفة القسمين: أن نؤمن بأن ما أذن الله فيه قدرًا فلا بد من وقوعه، وما لم يأذن به فلا يمكن وقوعه، أما شرعًا: فما أذن الله فيه شرعًا فقد يقع وقد لا يقع، وما لم يأذن فيه فقد يقع وقد لا يقع، هذا هو الفرق.

لكن لو قال قائل: ما الفرق بين الإذن والإرادة؟

الجواب: الإرادة والإذن متقاربان، لكن الإذن أبلغ في التأثير، فمثلًا: أنا أريد منك أن تفعل، وأذنت أن تفعل، هذا أبلغ، لكن بالنسبة لصفات الله عزّ وجل متقاربة.

الفائدة الرابعة والعشرون: أن الله يدافع عن المؤمنين وأن كف الأذى عن الإنسان من نعمة الله عليه، ولهذا امتن الله به على المؤمنين فقال: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: ٣٨]، نأخذ هذا من قوله: {وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} فكلما كان الإنسان أشد إيمانًا بالله عزّ وجل دفع الله عنه، وتسليط بعض الناس عليه بالإيذاء ما هو إلا كتسليط المرض على الرسل والأنبياء من باب رفعة الدرجات، وإلا فلا شك أن

<<  <  ج: ص:  >  >>