للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحان الله العظيم هذه قدرة لا يبلغها الأطباء، فالظاهر أن إبراءه الأكمه والأبرص، يكون في الحال، بدون معالجة وتردد.

الفائدة الحادية والعشرون والثانية والعشرون: هذه الآية العظيمة لعيسى أنه يخرج الموتى من القبور لقوله: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} وهذه لا يقدر عليها أحد، أما هل يبقى الميت إذا خرج أو لا يبقى هذا ليس لنا فيه كلام ولا ينبغي أن نتكلم فيه؛ لأن الآية حصلت بإخراجه من قبره، أما هل يبقى ويعيش مع الناس، أو يموت بعد أن خرج وبرز للناس ثم يدفن؟ فهذا ليس لنا في معرفته مصلحة، وليس لنا أن نسأل عنه؛ لأن الآية حاصلة بدونه.

ففي هذه الآية الجمل الأربع: الطير، إبراء الأكمه، وإبراء الأبرص، وإحياء الموتى، فيه دليل على أنه لا يمكن لأي بشر مهما أوتي أن يحصل له مراده إلا بإذن الله عزّ وجل؛ لأن كل جملة أو كل كلمة قيدها الله تعالى بإذنه؛ لئلا يدعي مدعٍ أن الخلق لهم استقلال في أفعالهم، فيكون لهذه الفائدة فرع وهو الرد على القدرية: والقدرية هم الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله، ليس لله فيه إرادة، الإنسان يأكل ويشرب ويدخل ويخرج ويتحرك ويسكن بإرادة تامة ليس لله فيها تعلق، وهذا يعني: إثبات خالق مع الله عزّ وجل، أو إثبات موجد للحوادث مع الله عزّ وجل، ولهذا سميت القدرية مجوس هذه الأمة؛ لأن المجوس يقولون: إن الحوادث الكونية لها خالقان: ظلمة ونور، وهؤلاء يقولون: الحوادث في الكون لها موجدان، كل واحد مستقل عن الآخر، أفعال العباد يستقل بها العباد حتى إن بعضهم يقول: إن الله لا يعلم من أفعال العباد إلا ما وقع، وأما ما لم يقع فلا يعلمه الله عزّ وجل، فوصفوا الله تبارك وتعالى بالجهل فيما هو في ملكه تبارك وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>