للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثامنة عشرة: أنه سبحانه وتعالى يختار من الآيات أشدها إعجازًا، فإنه لم يَمُنَّ على عيسى بأن يخلق أرنبًا أو قطًا أو ما أشبه ذلك بل طائرًا؛ لأن الطيران في الجو أبلغ من المشي على الأرض، فاختار الله له أن يخلق طائرًا، يعني: على صورة الطير.

الفائدة التاسعة عشرة: أن النفخ له تأثير في الأجساد إذا أراد الله عزّ وجل أن يؤثر؛ لأنه نَفَخَ في الطير الذي صنعه فصار طائرًا كما في القراءة الأخرى، لما نفخ فيه صار حيوانًا من الطيور ثم طار لتحقق أنه دخلته الروح، ومن ثَمَّ جاءت القراءة على المريض عن طريق النفث، والنفث كما نعلم جميعًا يتضمن نفخًا وريقًا، وهذا مؤثر بإذن الله عزّ وجل، ولهذا لو أن القارئ صار يقرأ ويأخذ بإصبعه من ريقه ويبل به مكان الألم أو يبل به المريض، فلا أظنه ينفع، لا بد من نفث مع ريق.

الفائدة العشرون: ما أعطاه الله تعالى عيسى من الآيات في إبراء الأكمه، وهو الذي خلق بلا عين ولا بصر، وهذا دليل على قدرة الله، والظاهر والله أعلم أنه يبرئه في الحال، ولا يحتاج إلى علاج وإلى انتظار، كما جرى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في عين أبي قتادة رضي الله عنه حين جرحت في أُحد وبرزت على خده -العين برزت على الخد- فأتي به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأخذ العين وردها في مكانها، وعادت كما كانت في الحال (١)،


(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٤٠٠)، والطبراني في الكبير (١٩/ ٨)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٣٣٤)، والبيهقي في دلائل النبوة (١/ ١١٨) عن قتادة بن النعمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>