للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقتم" (١)، فإن قال قائل: إذا أثْبَتَ صفة الخلق للمخلوق، فأي فرق بين خلق الخالق وخلق المخلوق؟

الجواب: الفرق عظيم جدًّا، خلق الخالق إيجاد من عدم على ما يريد الله عزّ وجل: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦]، خلق المخلوق: تحويل مخلوق الله إلى صفة أخرى، وإلا فالأصل من الله عزّ وجل، وهل يمكن لأحد أن يجعل من الحجر ذهبًا؟ لا يمكن، لكن يمكن أن يجعل من الذهب حليًا، وأن يجعل منه على شكل حيوان، كما جعلت بنو إسرائيل الحلي الذي أخذوه من آل فرعون عجلًا، فافترق الخلق المنسوب للخالق والخلق المنسوب للمخلوق، خلق المخلوق يعني: تحويل الشيء من شيء إلى آخر، ليس ذاته ولكن صفاته، وأما خلق الخالق: فهو إيجاد من عدم، وهذا لا يستطيع أحد أن يفعله.

الفائدة السابعة عشرة: أن الله عزّ وجل جعل لعيسى آيةً تعجز علماء الفن الذى اشتهر في حياته، فقد قيل: إن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام اشتهر في وقته الطب وترقى ترقيًا عظيمًا، فجاء عيسى بآيات لا يستطيع الأطباء أن يقوموا بها، كما أن السحر في عهد موسى كان منتشرًا فجاء موسى بآيات تبطل سحرهم، وكما أن البلاغة كانت منتشرة في العرب في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فجاء الله تعالى بكتاب أعجزهم.


(١) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، حديث رقم (٥٦٠٧)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة، حديث رقم (٢١٠٨) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>