للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهَ}؛ لأن الإيمان يحمل على التقوى وهي شرط في قوله: {اتَّقُوا اللَّهَ}.

قوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} (أوحيت) هنا، هل هو الوحي الشرعي أو الوحي الكوني الإلهامي؟ في هذا قولان للعلماء: فمنهم من قال: إنه الوحي الشرير، يعني: أوحيت إليهم بواسطة عيسى، وإلا من المعلوم أن الوحي الشرعي لا يكون إلا للأنبياء والرسل، لكن أوحيت إليهم شرعًا بواسطة نبيهم عيسى عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان وحيًا كونيًّا: فالمراد به الإلهام، كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: ٧]، أوحينا وحي إلهام أو وحي شرع؟ وحي إلهام، وكما في قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: ٦٨]، هذا وحي إلهام، وهو وحي كوني؛ لأنه يتعلق بالخالق.

فإن قال قائل: ألا يمكن أن نحمل الآية على المعنيين جميعًا، فيكون الله تعالى أوحى إلى نبيهم عيسى أن يبلغهم ذلك وألهمهم قبوله؟

الجواب: بلى يمكن أن يحمل الوحي على المعنيين جميعًا.

وقوله: {الْحَوَارِيِّينَ} الحواريون: هم الخلص من الأصحاب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل نبي حواري، وحواري الزبير بن العوام" (١)، وتأمل كيف كان هؤلاء هم الخلص من


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الطليعة، حديث رقم (٢٦٩١)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل طلحة والزبير، حديث رقم (٢٤١٥) في جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>