الحديث روي مرفوعًا إلي الرسول عليه الصلاة والسلام، وروي موقوفًا علي ابن عباس، فرواية المرفوع ضعيفة، يعني: لا نقول: إنه تعارض رفع ووقف فيجب الأخذ بالرفع؛ لأن الرافع معه زيادة علم، ولأن الراوي كثيرًا ما يعبر عما رواه مرفوعًا بقولٍ من عنده، فيظن سامعه أنه موقوف عليه؛ لأننا نقول: كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتناقض ولا يخالف الواقع، وهذا متناقض، لا يصح طردًا ولا عكسًا.
فلننظر: إذا قلنا: إنه صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، نقول: يجب التكبير عند الدخول فيه، والتسليم عند الانتهاء منه، وقول: سبحان ربي الأعلي فيه وسبحان ربي العظيم، والاتجاه إلي القبلة، وألا يأكل فيه، ولا يشرب وهلمَّ جرًا، فنجد أنه يخالف الصلاة أكثر مما يوافقها، وهل يمكن أن يرد عن المعصوم كلام تكون المخالفة فيه أكثر من الموافقة؟ لا يمكن أن يرد، ولهذا ليس في هذا الحديث دليل علي أن الطواف تشترط له الطهارة، وهنا النظر في الاستدلال وفي الدليل أي النظر فيهما جميعًا؛ لأننا لا نقبل مثل هذا الحكم العام، الذي تتوافر الدواعي علي نقله، ويحتاج الناس إليه في كل وقت وحين، لا يمكن أن نقبله وهو بهذا الثبوت الهش لا بد أن يكون قد تواتر أو اشتهر علي الأقل، وثانيًا: أنه لا يمكن أن يكون مرفوعًا لكونه متناقضًا.
إذًا: لا تشترط الطهارة للطواف.
فلو قال قائل: دعونا من هذا الحديث، أليس الطائف إذا طاف لا بد أن يصلي؟ فهل تقولون: إن الطائف يصلي بلا وضوء؟