للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا، لا نقول ذلك، بل نقول: يطوف ولا يصلي، وليست الصلاة بعد الطواف شرطًا في صحته، فنقول: إن كان الماء قريبًا ذهب وتوضأ وصلي، وإن كان لا يجد ماءً إلا بعيدًا فإن الصلاة تسقط عنه.

فإذا قال قائل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا شك طاف متطهرًا وصلي ركعتين خلف المقام، وقال: "خذوا عني مناسككم" (١)؟

قلنا: هذا الحديث: "خذوا عني مناسككم" (٢) ليس علي عمومه بالإجماع، وما أكثر المسائل التي يفعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكانت علي سبيل الاستحباب، فنحن نقول: المستحب بلا شك أن يطوف علي طهارة ولا إشكال في ذلك، أما أن نقول: إن الطهارة شرط للطواف وأن من طاف محدثًا فطوافه غير صحيح حتي ولو لزم من ذلك مشقة عظيمة كما لو كان الطوافُ بغير طهارة طوافَ الإفاضة، ثم قدم إلي بلده وقلنا: إن حجك لم يتم، قد يكون فيه مشقة شديدة، ويقع ذلك كثيرًا أعني عدم الطهارة في هذه الأعصار؛ لأن الزحام يكون شديدًا، ومدة الطواف تكون طويلة، وربما يُحْدث الإنسان في أثناء ذلك، فهل نقول: اخرج وتوضأ، وإذا قلنا: اخرج وتوضأ خرج وتوضأ ثم رجع ثم أحدث مرة ثانية هذا فيه مشقة شديدة.

والذي نري في هذه المسألة أنه لا يشترط للطواف وضوء،


(١) رواه البيهقي في السنن الكبري (٥/ ١٢٥) (٩٣٠٧)، وهو عند مسلم بلفظ: "لتأخذوا مناسككم"، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر، حديث رقم (١٢٩٧) عن جابر بن عبد الله.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>