للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستشهدوا، وإذا أقر الإنسان واستشهد، صار استشهاده غيره مانعًا له من الإنكار فيما بعد؛ لأن الإنسان قد يقر بنفسه، لكن إذا لم يكن عنده من يشهد عليه ربما ينكر، لكن هم أقروا بالسنتهم واستشهدوا، استشهدوا عيسى إذا كان المراد بقوله: {قَالُوا} أي لعيسى، أما إذا كان المراد أنهم قالوا لله عزّ وجل، فإن المستشهد هنا هو الله تبارك وتعالى.

وقوله: {بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} أي: منقادون لله عزّ وجل ولا انقياد إلا بإيمانٍ بأن الله تعالى آمرٌ وناهٍ، واعلم أن الإسلام إذا أطلق شمل الإيمان، والإيمان إذا أطلق شمل الإسلام، وإذا اجتمعا صار الإسلام علانية والإيمان سرًّا، يعني الاسلام الأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وأفعال الجوارح، والإيمان: الأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وحبها ورجائها وغير ذلك.

قوله: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} يعني: أذكر يا محمد إذ قال الحواريون المنتخبون من قوم عيسى: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} انظر إلى هذا الخطاب الجاف، لم يقولوا: يا رسول الله أو يا نبي الله، قالوا: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}.

{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} قوله: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ} فيه إشكال عظيم على هذه القراءة؛ لأن شكهم في قدرة الله يستلزم الكفر، فلهذا أشكل على أهل العلم كيف يقولون هذا وهم الحواريون؟

فنقول في الجواب عن هذا من وجهين: الوجه الأول: إما أن تحمل الاستطاعة على الإرادة، وهذا سائغ في كلام العرب، تقول لصاحبك: يا فلان هل تستطيع أن تمشي معي لفلان

<<  <  ج: ص:  >  >>