تنوين أيضًا، وإن حذف ونوي معناه فهما مبنيان على الضم، وإن حذف ولم ينوِ لفظه ولا معناه فهما معربان منونان، فالأحوال إذًا أربعة، ففي قوله:{فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ}؟ حذف المضاف إليه ونوي المعنى.
قوله:{فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ} الفاء: رابطة للجواب، أي: جواب الشرط في قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ}، وإنما ارتبطت بالفاء؛ لأن الجملة اسمية، وكلما وقعت جملة الشرط اسمية وجب قرنها بالفاء أو بـ (إذا) الفجائية.
قوله:{فَإِنِّي} فيها قراءتان: {فَإِنِّي}، "فَإِنِّيَ"، فأما على قراءة السكون فالياء مبنية على السكون، وأما على الفتح فهي مبنية على الفتح؛ لأنها ضمير المتكلم.
قوله:{أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ}، الضمير يعود في قوله:{لَا أُعَذِّبُهُ} أعني بذلك الهاء يعود إلى العذاب، يعني: لا أعذب أحدًا مثل هذا العذاب.
قوله:{أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} فأعذب: نصبت هنا مفعولين، ليس أصلهما المبتدأ والخبر لأنك لو حذفت العامل، وجعلت ضمير المفعول به في:{لَا أُعَذِّبُهُ} ضمير رفع لم يصح، لو قلت: هو أحد، ما صح؛ لأن الضمير يعود على العذاب.
لو قال قائل: قوله تعالى: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} ألا يجوز أن يكون هذا خاص بعالمي زمانهم؟
الجواب: إذا دل دليل على هذا فلا بأس، مثل قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧)} [البقرة: ٤٧]، أما إذا لم يدل دليل فالأصل العموم.