للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذات بالنفس، بمعنى: أن ذات الرجل هي نفسه، ولكن الاصطلاح شيء آخر، واللغة العربية الفصحى شيءٌ آخر.

فإذًا: معنى قوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} يعني: ولا أعلم ما في ذاتك، وليست النفس شيئًا زائدًا على الذات؛ يعني ليست كالعلم والقدرة والسمع والبصر وما أشبه ذلك، وقول بعض أهل العلم: أثبت الله لنفسه نفسًا فقال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} من باب التسامح والتجاوز، وإلا فإن نفس الله هي ذات الله عزّ وجل.

الفائدة الحادية عشرة والثانية عشرة: إثبات علم الله بما في نفس الإنسان، لقوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} وهذا كقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦]، فالله عزّ وجل يعلم ما في قلبك، فاحذر أن يكون في قلبك ما يخالف أمر الله عزّ وجل.

ومن هنا نأخذ فائدة ثانية: وهي وجوب الخشوع في الصلاة؛ لأنك إذا غفلت وفكرت في غير ما يتعلق بالصلاة فقد أعرضت عن الله عزّ وجل، هكذا قرره بعض أهل العلم، ولكن في مسألة وجوب الخشوع في الصلاة نظر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه إذا أقيمت الصلاة ولى الشيطان وله ضراط، فاذا انتهت الإقامة جاء أي: المصلي، وجعل يحدثه حتى يقول: اذكر كذا في يوم كذا، فلا يدري كم صلى ثلاثًا أم أربعًا (١).


(١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل التأذين، حديث رقم (٥٨٣)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، حديث رقم (٣٨٩) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>