للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الخامسة عشرة: أن من ادعى علم الغيب فقد ادعى أنه شريك لله، وجه الدلالة أنه أتى بضمير فصل: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} وضمير الفصل يدل على الحصر، يعنى: أنت لا غيرك علام الغيوب.

وليعلم أن الغيب نوعان: غيب نسبي، وغيب مطلق، فما هو الغيب الذي اختص الله به؟ هو الغيب المطلق، وأما الغيب النسبي الذي يعلمه فلان دون فلان فهذا يشترك في علمه من قَدَّرَه وهو الله عزّ وجل، ومن وقع منه.

لو قال قائل: ما حكم الذين يَدَّعون الغيب ويجمعون الأموال على هذا، وهل إذا مات واحد منهم هل يصلى عليه، وما حكم من قال لشخص نعرفه: أنت من أهل النار؟

الجواب: لا يصلى عليه، كل من ادعى علم الغيب فإنه كافر؛ لأن الله تعالى قال: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥]، وهذا نفي، يعني: حصرًا، لا أحد يعلم الغيب في السموات والأرض إلا الله عزّ وجل، لكن إن كان عندهم قرائن، فتكون دعواه خرصًا وتخمينًا، مثل أن يتوسم في شخص أنه مميكون ضالًا، هذا ربما يُعْرَفُ من ملامح وجهه، وقد وقع هذا من رجلٍ تلمح في شخص له مؤلفات مفيدة جدًّا في الدين الإسلامي، ولكنه قال: إن هذا الرجل سيرتد، وفعلًا ارتد، ومات على ردته وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} [الحجر: ٧٥]، أما مجرد علم الغيب، فهذا لا شك أنه كفر؛ لأنه تكذيب للقرآن.

وأما من قال لشخص: أنت من أهل النار، فلا بد أنه استند أيضًا إلى قرائن، يعني: أنه يفعل أفعالًا توجب أن يكون من أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>