للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: ٨]، ومثل قوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: ١٠]، واضح أن المراد بها الغلبة هنا.

أما عزة الامتناع: قالوا معناها: إن الله عزّ وجل أعظم من أن يناله ما يكون عيبًا أو نقصًا، يعني: يمتنع عليه النقص، رجعوا في ذلك إلى الاشتقاق، قالوا: لأنه يقال: أرضٌ عزازٌ، أي: صلبة لا تؤثر فيها المعاول لامتناعها وشدتها.

والثالث: عزة الشرف، يعني: أنه عزّ وجل ذو قدر عظيم وشرف عظيم، كما تقول لصديقك: أنت عزيز عليَّ، معناه أنت ذو قدر عظيم عندي.

قوله: {الْحَكِيمُ} الحكيم: مشتقة من حَكَمَ وأحْكَم، فإن كانت من حكم ففعيل بمعنى: فاعل، وإن كانت من أحكم، ففعيل بمعنى: مُحْكِمْ، وإتيان فعيل بمعنى فاعل كثير، كسميع بمعنى سامع، وبصير بمعنى باصر، وهكذا، لكن فعيل بمعنى مُفْعِل قليل في اللغة العربية، لكنه ثابت، ومنه قول الشاعر:

أمن ريحانة الداعِ السميعُ ... يؤرقني وأصحابي هجوعُ

فمعنى السميع: المسمع، إذًا: الحكيم: مأخوذة من الحُكْم والإحكام، فإذا كانت من الحكم فهي بمعنى: حاكم، أي: هو الحاكم في كل شيء، وإن كانت من الإحكام فهي بمعنى: محكم، والمحكم هو الذي منه الحكمة، فاحكم: أى: أتقن كل شيء، كما قال عزّ وجل: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: ٧]، وما زلنا في شرح هذه الكلمة العظيمة، أولًا: يجب أن نعلم أن هذا وصف الله عزّ وجل أن له الحكم فهو الحاكم قدرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>