وشرعًا، دنيا وأخرى، وأن نعلم أن له الحكمة في كل ما يفعله، وكل ما يحكم به من أمور كونية وأمور شرعية، وإذا علمنا هذا استسلمنا تمامًا للأحكام الشرعية والأحكام الكونية، فلا نقول مثلًا: إذا قدر الله تعالى وباءً أو قدر زلازل وما أشبه ذلك، لا نقول: هذا عبث، بل نقول: هذا لحكمة، فالحكمة تكون في ذات الشيء، وتكون في غايات الشيء، وتكون في الشرع، وتكون في القدر، فالأقسام إذًا أربعة:
الحكمة في ذات الشيء: بمعنى: أن يقدر هذا الشيء إن كان قدريًّا على وجهٍ مناسب تمامًا، انظر في المخلوقات تجد كونها على هذا الوجه الذي خلقت عليه موافقة تمامًا للحكمة، واسأل أهل التشريح للأجساد البشرية وغير البشرية، اسألهم: كيف ركب الله عزّ وجل هذه الأبدان على أباع ما يكون وأدق ما يكون، كم في الإنسان من معامل في جسمه؟ معامل عظيمة! انظر إلى الطعام يدخل متنوعًا ويخرج نوعًا واحدًا! انظر إلى الطعام يدخل على وجه الصعوبة أو الليونة ويخرج على مستوىً الواحد! كل هذا بسبب المعامل، ثم هذه المعامل -سبحان الله- تباشر العمل فلا تتأخر، فالمعدة من حين يصل إليها الطعام تبدأ تشتغل، والإفرازات عليها من المرارة أو غيرها شيء عجيب، كون الإنسان خلق على هذا الوجه، عَدَّله الله وجعله سويًّا ليس كالأنعام، مناسب تمامًا لما خلق له العبد من كونه مخلوقًا للطاعة والعبادة، حتى يتمكن من القيام والقعود والركوع والسجود وغير ذلك مما يكلفه الله به، وعلى هذا فقس.
كذلك أيضًا الحكمة في الأمور الشرعية، في ذات الأوامر