للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرعية حكمة عظيمة، فالصلاة صلة بين الإنسان وبين الله عزّ وجل، إنه يناجي ربه قائمًا في قراءته وإنه يبتهل إليه في سجوده، وإنه يخشع له بقلبه، فكونه على هذا الوجه هذه حكمة.

أما الغايات: فالغايات أيضًا حكمة، الغايات فيما يقدره الله تعالى قدرًا، غايات حميدة، انظر إلى قول الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: ٤١] الغاية من هذا {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم: ٤١]، والغاية من هذه العقوبة: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران: ٧٢]، فهذه غاية بعد غاية، مع أن الإنسان لو تصور الأمر من أول وهلة لقال: الفساد فساد، كيفما يكون، فنقول: إن له غاية حميدة.

فالمصالح لها غايات حميدة أيضًا، فهي بنفسها حميدة ولها غايات حميدة أيضًا، ومنها الشكر على النعم، فإن الله تعالى يبتلي بالشر والخير، إذا صبر الإنسان على الشر فهي غاية حميدةٌ، وإذا شكر على الخير فهي غاية حميدة أيضًا.

أيضًا المخلوقات لها غاية: إذا رأيت الشمس تطلع كل يوم من مطلع غير المطلع الذي بالأمس، وبين مطلعها اليوم ومطلعها بالأمس مسافات عظيمة ما يعلمها إلا الله عزّ وجل؛ لأن مع هذا البعد العظيم الذي نظنه مثل الشعرة تجد مساحته أعوامًا، ونحن نظن: أن المساحة يسيرة ما هي إلا كشعرة انحرفت الشمس عنها وهي ليست كذلك، بل مسافات عظيمة جدًّا، وهذا كل يوم، وترجع في نفس الخط، لأجل المصالح العظيمة.

الناس تختلف مصالحهم في الشتاء عنها في الصيف، وفي الخريف عنها في الربيع، مصالح عظيمة، الشمس أيضًا في نضج

<<  <  ج: ص:  >  >>