الأشجار وتدفئة الجو لها - سبحان الله - شيء لا يتصور، انظر مثلًا إلى الجو والأفق تجده ونحن في شدة الصيف تجده باردًا جدًّا جدًّا؛ لأن أضواء الشمس ليس لها ما يعكسها، هي تنعكس على الأرض ثم تولد حرارة، لكن في الجو لا يوجد شيء يعكس، تخرقه خرقًا وتمضي إلى الأرض، فلكل مخلوق غاية ولكل مشروع غاية حميدة، فالحكمة إذًا تكون في المقدور، أي: في ذات المقدور كونه على هذا الوجه حكمة. ثانيًا: في الغاية منه. ثالثًا: في المشروع. رابعًا: في الغاية منه.
وتأمل الشرائع تجد أنها صلاحٌ للبدن وصلاح للقلب، صوم، صلاة، زكاة، حج، توحيد وإخلاص، مصلحة للبدن، وأَسَرُّ ما يكون الإنسان وأنشط ما يكون وأفرح ما يكون إذا اصطبغ قلبه بالإخلاص لله عزّ وجل، ولذلك يمر على الإنسان أحيانًا وهو في العبادة، يمر عليه حالٌ يقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا النعيم فهو كافٍ، وتأتي الغفلة تستولي كثيرًا، فربما يثقل عليه ما كان خفيفًا عليه بالأمس، والقلوب بيد الله عزّ وجل.
فالمهم أن الحكمة تكون على هذه الوجوه الأربعة: حكمة في المخلوق، حكمة في المشروع نفسه، حكمة في الغاية من المخلوق، حكمة في الغاية من المشروع، وهذا واضح.
والغريب أن هذه الحكمة العظيمة أنكرها الأشاعرة والجهمية وقالوا: إن الله لا يفعل لحكمة؛ لأن الحكمة غرض، والله منزهٌ عن الأغراض والأعراض والأبعاض، سجعٌ باطل.
منزه عن الأغراض يعني ليس له حكمة، لا يفعل لحكمة، هكذا مجرد مشيئة.