للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس عن الوفاء بالوعد، وكان على هذا أن يقول: إنه وعد مؤمن؛ لأن المؤمن هو الذي لا يخلف الوعد إلا لعذر شرعي.

تنبيه:

إذا استثنى الواعد، أي: قال إن شاء الله ولم يفِ بالوعد فالظاهر أنه لا شيء عليه؛ لأن صاحبه الذي سمعه يقول: إن شاء الله يعرف أنه لم يُردِ الوفاء التام، إلا إذا فهم المخاطب من قوله: إن شاء الله، التحقيق كان يكون أشار إليه بيده أثناء وعده له فيجب عليه الوفاء بالوعد حينئذٍ؛ لأن الوعد عقد أو معاقدة بين الواعد والموعود.

الفائدة الثامنة: أن جميع بهائم الأنعام حلال لقوله: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}، وأيضًا غير بهيمة الأنعام نقول: إنها حلال لكن لا بهذه الآية، بل بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] وعلى هذا فإذا شككنا في هذا الحيوان الزاحف أو الطائر هل هو حلال أو حرام؟ فالأصل أنه حلال، وعلى من حرمه الدليل، لكن إذا شككنا في الحلال هل ذكي ذكاة شرعية أم لا؟ فالأصل عدم الذكاة الشرعية؛ لأن الذكاة فعل لا بد من تحقق وجوده، فإذا وجدنا عضوًا من شاة ولا ندري هل هو مذكى أو غير مذكى؟ فنقول: إنه لا يحل؛ لأن الأصل عدم التذكية ما لم يوجد ظاهر يغلب على هذا الأصل، فإن وجد ظاهر يغلب على هذا الأصل فإننا نأخذ به.

فلو وجدنا رِجْلَ شاة عند بيت من بيوت المسلمين فنحن لا نعلم هل ذكيت أم لا؟ فالأصل عدم الحل، لكن هنا ظاهر يغلب على هذا الأصل وهو أن وجودها بين بيوت المسلمين يدل على أنها مذكاة، فيكون هذا الظاهر غالبًا أو مُغَلَّبًا على الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>