ولهذا قال العلماء رحمهم الله: لو وجد الإنسان شاة مذكاة في بلد أكثر أهله ممن تحل ذبيحته فهي حلال، مع أن هناك احتمالًا أن يكون الذي ذبحها ممن لا تحل ذبيحته، لكن يغلَّب الظاهر لقوته.
الفائدة التاسعة: الإحالة على مذكور أو على ما سيذكر، لقوله:{إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}، وهذا إحالة على ما سيذكر، وقد استعمل العلماء رحمهم الله هذا في مؤلفاتهم، وأكثر من رأيناه يستعمله الحافظ ابن حجر رحمه الله، فما أكثر إحالاته، ومع ذلك أحيانًا ينسى أن يوفي رحمه الله.
الفائدة العاشرة: أن الأصل في البهيمة -أعني: بهيمة الأنعام- الحل كما قررناه قبل قليل، وجه ذلك: الاستثناء من هذا الحكم {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا}، وقد قال العلماء رحمهم الله: إن الاستثناء معيار العموم -معيار يعني: ميزانًا- فإذا وجدت شيئًا فيه استثناء فاعلم أن هذا الحكم عام؛ لأنه لما أخرج هذا الفرد من أفراده علم أن الحكم شامل لجميع الأفراد.
الفائدة الحادية عشرة: أنه لا يحل الصيد للمُحْرِم، لقوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ولا لمن كان في الحرم؛ لأن من كان في الحرم فقد دخل في جو محرَّم فيه الصيد فيحرم عليه الصيد.
لكن لو صاد صيدًا حلالًا يعني: أنهر الدم وسمَّى الله وقتله فإنه لا يحل، لقوله تعالى:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} أي: غير محليه، فدل ذلك على أنهم إذا قتلوه فهو حرام فلا يحل لهم أن يحللوه لأنفسهم؛ ولهذا عبر الله عن صيد الصيد بالقتل، فقال تعالى في آية أخرى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ٩٥] ومعلوم أنه لا يريد أن يقتل بغير الصيد الشرعي؛