استباحة الصلاة فلا شك أنه يرتفع الحدث الأصغر والأكبر، وجهه أن الصلاة لا تستباح إلا بذلك، وإن نوي رفع الحدث الأكبر فقط، فمن العلماء من قال: إنه لا يجزئ عن الحدث الأصغر، ومنهم من قال: إنه يجزئ وهو الراجح؛ لأن الله لم يذكر سوي ذلك.
الفائدة الخامسة والعشرون: أن المرض من أسباب جواز التيمم، لقوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}، يعني: فتيمموا، وقوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، فظاهر الآية: أن المريض يتيمم إلا إذا عدم الماء، فإما أن نأخذ بظاهر الآية ونقول: المريض لا يتيمم إلا إذا عدم الماء وحينئذٍ يبقي التقييد بالمرض لا فائدة منه؛ لأن من لم يجد الماء يباح له التيمم سواءً كان مريضًا أو غير مريض، فيقال في الجواب -والله أعلم-: إن قوله تعالي: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} يدل على أن المراد المريض الذي يلحقه الحرج من استعمال الماء.
وأما التقييد بعدم وجود الماء فهو للمسافر؛ لأن المسافر لا يشق عليه استعمال الماء إذا وجده ولا يلحقه حرج به، فيكون تيمم المسافر مشروطًا بعدم وجود الماء، ويكون تيمم المريض مشروطًا بوجود الحرج، لقوله:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}.
الفائدة السادسة والعشرون: أن الدين يسر سواء كان من أصل المشروعات أو إذا وجد سبب للرخصة؛ لأن المشقة تجلب التيسير لكنها لا تسقط الواجب إلا في حدود الشرع.