للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنكارًا عظيمًا فقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ} ما هذا الحكم؟ ما الذي حملكم عليه؟ {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥ - ٣٦] هذا الحكم؟ وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩].

وإذا تدبرت القرآن وجدت نفي المساواة فيه أكثر من إثباته، وأن الذي في القرآن هو العدل: وهو إعطاء كل ذي حق ما يستحق، ولذلك العبارة السليمة أن نقول: الدين الإسلامي دين العدل، وهو الذي أمر الله به في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: ٩٠]، نعم إذا اتفق الناس في الحقوق صح أن نقول: إنه دين المساواة، إذا اجتمعوا في سبب الحكم وغاياته حينئذٍ نقول: هو دين المساواة، يعني إذا سرق الشريف وسرق الوضيع، هنا نقول: لا بأس ألَّا يفرق بين الشريف والوضيع وأنه يسوي بينهما؛ لأن التسوية هنا عدل.

وعلى هذا فنقول: إذا كانت المساواة هي العدل فنعم، أما المساواة التي يرمي إليها هؤلاء فهذا ليس بصحيح، فالدين يفرق تمامًا، في كل موطن تكون الحكمة فيه هي التفريق، لهذا يجب على طالب العلم إذا رأي بعض كتب المُحْدَثِين المعاصرين يقولون: الدين الإسلامي دين المساواة، يقول: قف، من قال هذا؟ هاتِ آية في إثبات التسوية، وأنا آتي لك بآيات كثيرة في نفي التسوية، لكن بدلًا من أن تقول هذا هاتِ الكلمة الحبيبة التي ترد على القلب ورود الماء البارد على كبد العطشان وهي العدل.

الفائدة الخامسة: أن العدل أقرب للتقوى وهو صريح.

الفائدة السادسة والسابعة: أن الأعمال الصالحة منها ما يبعد عن التقوى ومنها ما يقرب، وينبني على الفائدة السابقة

<<  <  ج: ص:  >  >>