للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتضاها الإحاطة بالخلق علمًا وقدرة وسلطانًا وتدبيرًا وملكًا وغير ذلك، ومن هذا قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُو} [المجادلة: ٧]، والمعية الخاصة إما مقيدة بوصف كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل: ١٢٨]، لكن هذه تقتضي مع الإحاطة العامة تقتضي النصر والتأييد والدفاع، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: ٣٨]، وإما مقيدة بشخص، مثل قوله تعالى لموسى وهارون: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦]، ومثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما حكاه الله عنه لصاحبه أبي بكر رضي الله عنه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠].

هذه المعية، هل هي حقيقة أو هي مجاز عن العلم والإحاطة والنصرة والتأييد وما أشبه ذلك؟

الجواب: الأول كسائر الصفات، أنها حقيقة وأنها تقتضي في كل موضع ما يناسبها.

لكن إذا قلنا: إنها حقيقة، هل تنافي ما ذُكر من علو الله جلَّ وعلا؟

الجواب: لا، أبدًا، بل هو معنا سبحانه وتعالى وهو على عرشه، وليس معنى قوله {مَعَنَا}، أنه في الأرض، كلا، قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧]، ومن كان هذا شأنه كيف يمكن أن يتصور عاقل فضلًا عن مؤمن أن يكون معنا

<<  <  ج: ص:  >  >>