للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أماكننا، فالله سبحانه وتعالى معنا وهو عالٍ، ولا مانع؛ لأن الله بكل شيء محيط، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير، قال: "أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصمًا ولا غائبًا، -أصم: لا يسمع، ولا غائب: لا يرى- إنما تدعون سميعًا بصيرًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" (١)، نحن نؤمن بهذا، لكن ليس معنى ذلك أن الله عزّ وجل في نفس المكان؛ لأنك لو قلت هذا لكنت ممن عمل بالنصوص ولكن نظر إليها نظر الأعور؛ أي: من جانب واحد.

ولهذا لما نظرت الجهمية إلى هذا من جانب واحد، قالوا: إن الله معنا في كل مكان، لكنهم غفلوا عن نصوص العلو، ونحن نقول: إن الله تعالى معنا حقيقة وهو سبحانه وتعالى على عرشه حقيقة، ولا منافاة.

فإن قال قائل: هل يتصور العقل أن الشيء يطلق عليه أنه معك وهو بعيد عنك؟

قلنا: نعم، إنه يتصور في الأمور المخلوقة، فالقمر يقول المسافرون إنه معنا، والنجم يقولون إنه معنا، والشمس يقولون: إنها معنا، وأمكنة هذه المخلوقات في السماء، يعني العرب تقول: القمر معنا والقطب معنا والجدي معنا، يقولون هذا،


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، حديث رقم (٢٨٣٠)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، حديث رقم (٢٧٠٤) عن أبي موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>