للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {لَعَنَّاهُمْ} "اللعن": هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فكانوا -والعياذ بالله- مطرودين مبعدين عن رحمة الله لا ينالهم الله برحمة، ومن لعنه الله لعنه اللاعنون، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: وما لي لا ألعن من لعنه الله أو من لعنه رسول الله (١).

قوله: {لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} وفي قراءة {قَاسِيَةً}، {قَاسِيَةً} اسم فاعل {قَاسِيَةً} صفة مشبهة، والصفة المشبهة أغلظ من اسم الفاعل؛ لأنها وصف ملازم، كما قال ابن مالك رحمه الله:

..................... ... كطاهر القلب جميل الظاهر

فالصفة المشبهة ملازمة، إذًا {قَاسِيَةً} و {قَاسِيَةً} قراءتان، وإذا كان في الآية قراءتان، فالمعنى أن الأمرين كلاهما حاصل، فهي قسية وهذا وصفها الملازم، وقاسية عند وجود ما يوجب لين القلب تقسو -والعياذ بالله- فهي قسية وصفًا قاسية فعلًا كما قلنا: في قراءة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٤]، و"مَلِكْ"، قلنا: نجمع بين القراءتين فيكون المعنى: أنه ملك ذو تصرف، أي: ملك مالك؛ لأن بعض ملوك الدنيا يكون ملكًا غير مالك، وكثير من الناس مالك ولكنه غير ملك، كلنا يملك مالًا لكن لسنا ملوكًا، إذًا: {قَاسِيَةً} {قَاسِيَةً} قريب من هذا.

قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} هذا أيضًا من ضلالهم والعياذ بالله ونقضهم العهد {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} أي:


(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧]، حديث رقم (٤٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>