للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلم الله عزّ وجل، "والكلم": اسم جمع كلمة والجمع كلمات.

قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} أصل التحريف: التغيير: تغيير الشيء عن وجهه ولهذا تقول: انحرفت الدابة، يعني تغير مسيرها، وانحرفت السفينة: أي: تغير اتجاهها، إذًا "يحرفون": أي: يغيرون الكلم عن مواضعه، وتغيير الكلم عن مواضعه عندهم نوعان: تغيير في اللفظ وتغيير في المعنى، من تغييرهم في اللفظ: أنه لما قيل لهم: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨]، قالوا: حنطة، ما قالوا: حطة، يعني حط عنا ذنوبنا بل قالوا: حنطة، يعني: أعطنا أكلًا، ولما وجب على الزاني المحصن أن يُرجم حرفوا ذلك وقالوا: إن هذا في الوضعاء وليس في الشرفاء، وصاروا يرجمون الوضعاء ولا يرجمون الشرفاء، هذا تحريف معنوي يعني حملوا النصوص على غير ما أراد الله عزّ وجل بها. إذًا: التحريف من هؤلاء يشمل التحريف اللفظي والمعنوي.

واعلم أن التحريف المعنوي يكون في الدليل والتعطيل يكون في المدلول، فقوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] قالوا: استوى بمعنى استولى، حرفوا الدال إلى اللام، فالتحريف في الدليل وعطلوا المدلول فلم يثبتوا الاستواء، والآية تدل على الاستواء، وكل إنسان يحرف الدليل فسيعطل المدلول وسيدَّعي معنى لا يدل عليه اللفظ فيكون جانيًا على النص من وجهين: الأول: تعطيل النص عما أريد به، والثاني: إثبات معنى لا يراد به.

قوله: {عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي: عن المواضع التي أرادها الله به.

<<  <  ج: ص:  >  >>