للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} هل المراد لا تزال أيها المخاطب، أو لا تزال أيها الرسول؟

الجواب: الأول، يعني لا تزال أيها الإنسان؛ لأنه لم يتقدم للرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر، أي: لا تزال أيها الإنسان أو أيها المتأمل في حالهم.

قوله: {تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} كلمة "خائنة" يحتمل أن تكون مصدرًا كالعاقبة والعافية ويحتمل أن تكون اسم فاعل، فإن كانت مصدرًا فالمعنى: لا تزال تطلع على خيانة منهم، وإن كانت اسم فاعل فالمعنى لا تزال تطلع على طائفةٍ خائنةٍ، أو نفس خائنة منهم، فتكون وصفًا لموصوف محذوف، أما كونها اسم فاعل فلا إشكال فيه؛ لأن اسم الفاعل يأتي على وزن فاعل، لكن كيف تكون مصدرًا وهل يأتي في المصادر ما هو على فاعل؟ قلنا: نعم يأتي، فكلمة (العافية) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنن أسألك العافية" (١) مصدر "أسألك أن تعافني عافيةً"، وكلمة "العاقبة" كذلك مصدر، فاللغة العربية واسعة.

لو قيل: (خائنة) ألا يمكن أن تكون اسم فاعل على أن التاء فيها للمبالغة، وأن الأصل على خائن منهم، كما يقال في داعٍ داعية؟ نقول: يمكن؛ لأن فيهم -أي: في اليهود- من طبيعته الخيانة فيصدق عليه أنه داعية أي: أن التاء فيه للمبالغة وهذا من سعة معاني القرآن الكريم، أنك تجد اللفظة الواحدة تحتمل معاني كثيرة، والقاعدة: أن ما احتمل أكثر من معنى، ولا مرجح ولا تضاد فإنه يحمل على كل ما يحتمله من معنى.


(١) رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، حديث رقم (٢٧١٢) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>