الحرام هو مسجد الكعبة الذي اتُّخذ مسجدًا؛ لأنهم صدوهم عن الوصول إليه، وما حول المسجد تابع له، والأصل هو المسجد، ولهذا أجمع العلماء رحمهم الله على ركنية الطواف في العمرة والحج، فطواف الإفاضة وطواف العمرة مجمع على ركنيتهما وعلى أنه لا يصح الحج والعمرة إلا بهما.
وقوله:{أَنْ تَعْتَدُوا} هذه متعلقة بقوله: لا يجرمنكم، يعني: لا يحملنكم على العدوان، و"أَنْ" في تاويل مصدر منصوب بنزع الخافض وتقديره: على أن تعتدوا، يعني: لا يحملكم هذا على العدوان.
قوله:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} تعاونوا على وزن (تفاعلوا)، ولا تكون هذه الصيغة إلا من جانبين، فإنك إذا قلت: أعن صاحبك، فطلب الإعانة من جانب واحد، لكن قوله:{وَتَعَاوَنُوا} أي: ليعن كل واحد أخاه، {عَلَى الْبِرِّ}: وهو فعل الطاعات: {وَالتَّقْوَى}: وهي ترك المحرمات، فإذا استعانك أخوك على عبادة من العبادات فأعنه لتشاركه في الأجر، فإذا قال لك: قَرِّب لي ماء الوضوء؛ فقربه له، وإذا قال لك: اشترِ لي ثوبًا أستر به عورتي في الصلاة؛ اشترِ له، وإذا قال لك: دلني على اتجاه القبلة دله عليها، بل وإن لم يستعنك فأعنه أيضًا.
كذلك تعاونوا على التقوى، أي: على ترك المحرمات، فإذا استعانك إنسان على تكسير المزمار فأعنه، أو استعانك على إراقة خمر فأعنه أيضًا، أو على إتلاف كتب بدع فأعنه، وهلمَّ جرَّا.
قوله:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}"الإثم" هو المعاصي المتعلقة بحق الله عزّ وجل، و"العدوان": المعاصي المتعلقة بحق