للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وهذا إشارة إلى أنهم سوف يصدونكم عن المسجد الحرام، لكن إن صدوكم فلا تعتدوا.

أما على قراءة الفتح "أَن صدوكم" فتكون الجملة تعليلًا، أي: لا يحملنكم بغضهم من أجل صدهم إياكم أن تعتدوا.

إذًا: يختلف المعنى باختلاف القراءتين، فعلى قراءة كسر الهمزة إخبار عما يتوقع، وعلى قراءة فتح الهمزة إخبار عما وقع، فيكون المعنى الأول: ولا يحملكم بغض هؤلاء إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وعلى الثانية: ولا يحملكم بغض قوم لكونهم صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا.

وقوله: {صَدُّوكُمْ} أي: صرفوكم، وهذا ينطبق تمامًا على ما فعلته قريش في غزوة الحديبية، فإنها صدت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحلت شعائر الله، وأحلت الشهر الحرام، والهدي، والقلائد، فكل ما نهى الله عنه في هذه الآية انتهكته قريش، وصدوا أولى الناس بالبيت عن بيت الله عزّ وجل.

وقوله: {عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي: ذي الحرمة والتعظيم، ولا شك أن هذا المسجد له حرمة وعظمة، فإن أول بيت وضع للناس ليتعبدوا الله فيه هو المسجد الحرام، وهو الذي يجب على كل مسلم وجوبًا عينيًّا لا يتم إسلامه إلا به أن يؤمه بحج بالإجماع، أو بحج وعمرة على خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى في وجوب العمرة، فهو مسجد حرام.

ووصف بالمسجد إما لأن جميع الأرض مسجد، وأولى أرض تتصف بذلك هي هذه البقعة، أو يقال: إن المراد بالمسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>