الفائدة السابعة: أن المعاصي سبب لقلة الفهم -أعني: فهم كلام الله عزّ وجل- أو للعدوان في فهمه لقوله:{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} وتحريف الكلم عن مواضعه: إما أن يكون سببه الجهل وفقد العلم، وإما أن يكون سببه الاستكبار والعدوان، وعلى كلٍّ فالجملة معطوفة على ما سبق، أو أنها حال من فاعل قاسية، يعني: حال كونهم يحرفون الكلم عن مواضعه، المهم أن المعاصي سببٌ لعدم الأخذ بالنصوص وسبب لتحريفها.
الفائدة الثامنة: أن المعاصي سبب لنسيان ما ذُكِّر به الإنسان، وقد تقدم أن النسيان نوعان: نسيان علم ونسيان عمل، وهذا كله لا شك سبب. أما كون المعاصي سبب لنسيان العلم فقد دل عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)} [محمد: ١٧]، فإذا كانت الهداية سببًا لزيادة العلم فالمعصية سببٌ لنقصانها، وأما كون المعاصي سببًا لنسيان الترك فلقول الله تبارك وتعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}[المائدة: ٤٩]، يعني إن تولوا وأعرضوا فاعلم أن سبب ذلك هو أنهم أذنبوا، فأراد الله تعالى أن يصيبهم ببعض ذنوبهم.
الفائدة التاسعة: أن هؤلاء قد أقيمت عليهم الحجة، ولكنهم تركوا العمل بعد إقامة الحجة، لقوله:{مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}.
الفائدة العاشرة: أن قسوة القلب وتحريف الكلم عن مواضعه، ونسيان ما ذكر به الإنسان من خصال اليهود، وإذا كانت من خصالهم، فالواجب على الإنسان أن يبتعد عنها وأن يفر منها فراره من الأسد.